قصّـة لافيـرن

صوّب دائماً نحو القمر، فحتى لو أخطأته! 

ربما تصيبُ نجماً.. لا خسارة في الأحلام الكبيرة!



تبدأ القصة في خمسينيات القرن العشرين، حين صنع عطار نجديّ عطراً سحرياً، مزج الصحراء بسماء الشتاء واستلهم من الأرض عطراً يحمل في طياته تاريخ أرض عريقة. 

مرّت السنوات والعطرُ يرافق عطّاره، يرتديه في كل وقت، واينما ارتحل! 


حتى التسعينات، حينما رُزقَ العطّار بخمسة أبناء، وعطرهُ السحري كان سادسهم! 


حمل الأطفال في جوفهم روح العطارة وشغفها الذي سيتفجّر لاحقاً لينشر ثقافة عطرية حداثية من جانب، وأصيلة من الجانب الآخر. 

كيف لا! وهم منذ نعومةِ أظفارهم يتنافسون حول عطر نادر كان يمثل جوهرة المنزل وروحه، يتشاجرون حوله أحياناً، ويتسابقون نحوه أحياناَ أخرى.. ويخشون دائماً أن يرش أحدهم آخر رشة من روح ذلك العطر.


كبر الأطفال الخمسة كما تكبر الغيوم، منتظرين لحظة من التاريخ يمطرون فيها غيث العطور التي لا تفنى من الذاكرة 

نفدت آخر رشة من العطر، لكنّ روحه لا زالت تنبض في قلب الزجاجة التي حفظوها كما يحفظ الملوكُ تيجانهم. 


جاءت الألفية بوعدها المطلق في عمق الأمنيات، لتدفع العطّارين الخمسة نحو مجدهم الصعب وغايتهم البعيدة.. هل سيتحقق الحلم؟ دع القصة تخبرك بذلك...


آمنَ الإخوة أن العطور ليست مجرد رائحة تفوحُ وتثبت في الارجاء، بل روحٌ تمتزج بكل نواحي المكان، وكأي رحلة من ألف ميل توجب عليهم أن يبدأوا بخطوة، أسَس الإخوة (لافيرن) وكانت هي خطوتهم نحو الألف ميل! 

انطلقوا نحو عالمٍ ليس بجديدٍ عليهم، حاملين رؤية فنّان عريق، وجيناته العطريّة.


ضحّى الإخوة الخمسة براحة اللحظة الحاضرة من أجل مجد السنوات المقبلة، فهنالك من ضحى بهدوءه الساحر، وهناك من ضحى بمهنته، وهناك من ضحى بمتعة الصداقات واجتماعات الأنس، ومنهم من ضحى براحته الجسدية، ومنهم من ضحى بكل ما يملك، تلك كانت معركة ضد الفشل، شعارها : أكون أو لا أكون، فلا بد للشغف أن يستمر، ولابد للحلم أن يتحقق.. الفشلُ ليسَ خياراً!



قسّم الإخوة الخمسة على أنفسهم الأدوار، فلكل مهمته التي يجيدها، منهم من احترف تصميم العطور، ولازال يبحثُ عن الكمال العطريّ حتى هذه اللحظة.

ومنهم من احترف التنظيم الإداري، مستلهماً تجاربه القديمة في عالم الأعمال، ومنهم من احترف صنع العلاقات المهنية بقدراته الاجتماعية الاستثنائية، ومنهم من أتقن التسويق وغرائبه وأسراره.. 


استمر الإخوة الخمسة في مطاردة الحلم، فهم لن يهدأوا قبل تحقيق المهمة المستحيلة! 

احتدم الصراع، وكان اليأس يلوّح كل حين بإشارة الفشل أمام أعينهم، فالأمور لا تسير كما يراد لها، فقد كان من الصعب أن تسوّق عطراً لعميلٍ لن يستطيع تجربته، إنها مهمة أشبه بالمستحيلة، حيث للعطور خصوصية هنا، إذ لا بد أن تشعرَ بالعطرِ قبل أن تقتنيه.

 حلّت جائحة كورونا بصعوباتها على العالم، وكانت نهاية لأسلوب الحياة الذي نعرفه، وبداية لعالم جديد تلعب فيه التقنية الدور الأهم والأكثر تأثيراَ. 


لكن العبقري هو من يظهرُ بمثل هذه الظروف، حيثُ طوّر الإخوة استراتيجية جديدة، ابتكروا بها طريقةً تمكّن الشخص من تجربة عطره قبل اقتنائه، بلا أي تواجد على أرض الواقع! 

عملية بأكملها تتم عن بعد، ومن هنا بدأت ثورة جديدة في عالم العطور إذ صمّم الإخوة الخمسة الروائح بكل شغف، واحترافية، وقدرة هائلة على الابتكار والتجديد بالتوازي مع الحفاظ على الأصالة والهوية.


من هنا مات الفشل بتلويحاته المقلقة، و ولد المجد ليمضي في رحلة لن تنتهي، فقد بدأت لتستمر، فمحاولات اصطياد القمر التي لم تفلح، ساهمت في اصطياد مجد أكبر من القمر، فقد اصطاد الإخوة الخمسة نجماً عطرياً مشعاً سيملأ عالم العطور بشغف جديد، وثقافة أصيلة

نجم مشع اسمه "لافيرن" وهدفه "أن تكون مختلفاً".